درجات الحرارة ترتفع، على غير المعتاد، وهناك الكثير مما يتعين القيام به لتفادي نتائج كارثية. وأوروبا تتطلع إلى طريق سريع وسهل لتحقيق تغيير يتمثل باستخدام البنوك في التصدي لتغير المناخ. وربما لا يروق مدراء الصناعة هذا، لكن البنوك تمثل وسيلة فاعلة لزيادة كلفة الكربون والتأكد من كشف ملائم لكل الشركات لانبعاثاتها. والحكومات يمكنها جعل البنوك تقوم بدور الرقابة عليها. وإذا كان هذا يبدو طلباً مثيرا للغضب، فلننظر إلى الأمر بطريقة أخرى. والبنوك تُستخدم فعليا لأغراض سياسية واجتماعية، والولايات المتحدة من أبرز الأمثلة.
ففي السنوات العشرين الماضية، تم تشديد قوانين مكافحة غسل الأموال، وتحديدا لمكافحة تمويل الإرهاب وسحق الأنشطة السياسية غير المرغوبة أو الأشخاص والجماعات الخطرة. وما على المرء إلا أن يسأل بنك (بي. إن. بي. باريبا) عما يحدث في حال المساعدة في معالجة أموال لصالح أعداء أميركا. فقد تم تغريم البنك الفرنسي تسعة مليارات دولار عام 2014 لإدارته معاملات مالية للسودان وإيران وكوبا.
والحقيقة البسيطة هي أن التمويل يمثل أساساً لكل شيء، والبنوك يمكن التحكم فيها بسهولة نسبية. والنظام يمثل نافذة مفردة وفاعلة على الاقتصاد تخضع بالفعل لمراقبة وتنظيم عن كثب. وعلى جبهة المناخ، تتمثل الفكرة في جعل البنوك تفحص بدقة أكبر نوعية الشركات التي تقرضها وسعر الكلفة. فقد أوقفت بنوك كثيرة بالفعل تمويل محطات الطاقة التي تعمل بالفحم. لكن اختبارات المقاومة التي تنطوي على مخاطر متعلقة بالمناخ وتؤدي إلى شروط أعلى للحصول على رأس المال يمكنها المساعدة في زيادة مستوى كلفة التمويل، مما يساعد في دعم أنشطة اقتصادية أنظف بيئيا وإحباط الممارسات الأكثر تلويثا للبيئة في الصناعات المختلفة.
وذكرت هيئة المصارف الأوروبية في الأيام القليلة الماضية أن البنوك تأخذ فرض إجراءات بيئية أكثر حسما مأخذ الجد وبدأت تعزز وسائد الأسهم التي تساعد في امتصاص صدمة الخسائر غير المتوقعة الناتجة عن مخاطر متعلقة بتغير المناخ. واختبارات الضغط القادمة في منطقة اليورو يجب أن تبدأ الكشف عن مقدار الأضرار التي قد تتسبب فيها مخاطر المناخ في سجلات القروض. وفهم هذا يتضمن جمع وتسجيل البنوك معلومات أكبر بكثير عن انكشافها. إنها مشكلة صعبة ومكلفة للصناعة لكن لا مفر منها. والسبب في هذا أن الحكومات أدركت أن العمل من خلال النظام المالي نافع على المستويين السياسي والاقتصادي.
ولا يروق الناخبون فرض ضرائب مباشرة على سياراتهم وموردي الطاقة أو على الشركات، مما يؤدي إلى زيادات في أسعار الأشياء التي يريدون شراءها. لكن ينبغي جعل الاستخدام الكبير للوقود الأحفوري والمواد الملوثة للبيئة أكبر كلفة لتحفيز الأشخاص على البحث عن بدائل. وزيادة كلفة التمويل ورأس المال للأنشطة الأكثر ضررا بالبيئة يعد إجابة جيدة. ومازال السجال دائراً. فبعض مسؤولي البنوك يفضلون تسعير الكربون الذي يطال كل الصناعات ويكبد أكبر المنتهكين أفدح كلفة. وبرامج تداول الانبعاثات أو أرصدة الكربون من بين الوسائل للقيام بهذا. فلها تأثير مشابه لتأثير الضرائب لكن السعر أو الكلفة تحددها الأسواق وليس الحكومات. وأحد الجوانب السلبية هو أن المضاربات قد تدفع الأسواق نحو سوء تسعير مبالغ فيه أحياناً. ويتعين على الحكومات مراقبة هذه الشركات عن كثب للتأكد من أنها تستخدم هذه الأدوات بشكل صحيح وتتحمل الكلفة الصحيحة.
وبخلاف الملاءمة السياسية، يتعين على البنوك أن تفهم وتستعد للمخاطر المتعلقة بالمناخ على أي حال. وهناك قروض للأنشطة الاقتصادية والأسر والعقارات التجارية التي تواجه مخاطر متزايدة من الحريق والفيضانات، على سبيل المثال. وإذا تغيرت تفضيلات العملاء وتحولت نحو بضائع وخدمات أكثر مرعاة للبيئة، فما قيمة القروض للأنشطة الاقتصادية الراسخة التي تخلفت عن تلبية حاجات العملاء؟ ربما يتذمر مسؤولو البنوك لكن استخدام صناعتهم لمكافحة تغير المناخ معقول للغاية. والحوافز المالية تجدي وجعل البنوك تفرض كلفة، يمكن اعتباره سيناريو أكثر كفاءة من انتظار السياسيين حتى يجعلوا فرض الضرائب المباشرة أمرا مقبولا.
بول جيه. ديفيس
صحفي أميركي متخصص في شؤون التمويل والبنوك.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»